Press ESC to close

“ورق عتيق” في اللاذقية .. مساحة لدمج ذوي الإعاقة بمجتمعهم أكثر

مقهى “ورق عتيق” في مدينة اللاذقية، مشروع سيبدو للوهلة الأولى كغيره من المشاريع التجارية الهادفة للربح، ولكن داخل زواياه وتفاصيله حكاية خاصة، أبطالها أشخاص من ذوي الإعاقة يعملون في المقهى، مقدمين صورة جميلة عن قدراتهم.

تتحدث صاحبة المشروع لينا ضاهر عن قصة مقهى “ورق عتيق” وكيف بدأت الفكرة التي حققت من خلالها حلمها بافتتاح صالون ثقافي.

ضاهر أنها كانت تعمل في مجال بيع الهدايا، ثم انضمت إلى عدة جمعيات لرعاية أطفال التوحد وذوي الإعاقة، تقول: “عملت متطوعة بداية في هذه الجمعيات، وشعرت أن الأطفال مختلفين وليسوا أقل مستوى من الناحية العقلية عندما تعاملت معهم، وأحب كسر هذه الصورة النمطية المعروفة عنهم في المجتمع”.

وتضيف “اكتشفت عند عملي في قسم الإرادة لدى الجمعيات أن لدى هؤلاء الأطفال طاقات يجب استثمارها ودعمهم فعلياً، لا بالتعاطف معهم أو بالشعارات فقط.. وهنا بدأت فكرة المقهى”.

طرحت فكرة إنشاء مقهى ثقافي يعمل فيه أطفال من ذوي الإعاقة ومنهم مصابي “متلاذمة داون” على صندوق الأمم المتحدة للتنمية والسكان، وبعد اختبارات ولقاءات عدة؛ نجحت بالحصول على تمويل لإقامة مقهى “ورق عتيق”.

حكايات “ورق عتيق”

بنت لينا ضاهر في مقهى “ورق عتيق” مساحة آمنة ثقافياً واجتماعياً، عبر إقامة العديد من الطقوس التدريبية والثقافية في المقهى.

وكانت البداية بإقامة ورشات تدريبية وتعليمية لأطفال ذوي الإعاقة في التطريز والحياكه وصناعة المؤنة، بهدف تعليمهم مهارات جديدة وحصولهم على مقابل مادي.

ويعمل بالمقهى 14 طفلاً و6 مصابين بالتصلب اللويحي إضافة إلى قسم لترويج أعمال السيدات المعنفات، برفقة طلاب جامعة في سبيل مساعدتهم بتأمين المصروف كما تبين لينا.

الأطفال الذين كانوا معها في البداية اقتصر عملهم على الترتيب وتقديم بعض المشروبات للزبائن، أما حالياً يصنعون المشروبات ويقومون بفعاليات تتضمن صناعة الصابون والمونة والمطرزات وهناك قسم خاص بالمقهى يتضمن ما ينتجونه ويذهب الريع لهم.

توضح ضاهر: “عملت على تدريب الأطفال وتطوير مهاراتهم، وهم يحتاجون إلى رعاية واهتمام دائماً.. وكان هناك بعض الصعوبات والاستغراب من الزبائن أما اليوم فقد تم تجاوز ذلك”. 

وهناك قسم خاص بالمقهى يستعرض منتجات هؤلاء الأطفال، أما مرضى التصلب فيصنعون الحلويات بناء على طلبات الناس.

ولم تتوقف الحكاية هنا، بل حاول المقهى مساعدة فئات أخرى المجتمع السوري عبر إقامة قسم للأرامل والأهالي الذين فقدوا عزيزا في الحرب، لعرض وبيع المشغولات اليدوية، وهناك فتيات جامعيات يصنعن الاكسسوار والمشغولات يدوية في المقهى بغرض إكمال تعليمهن.

ويحتضن المقهى أمسيات عود “لتحسين الذائقة الموسيقية”، إضافة إلى محاولة تقديم الشباب الجدد الموهوبين وخلق فرصة لهم.

دمج ذوي الإعاقة

تقول ضاهر: “في هذه المساحة نجحت بشكل كبير بهدفي الأساسي، وخاصة من ناحية تغيير نظرة المجتمع لمرضى متلاذمة داون”.

وتبين أن البعض استغرب الفكرة في البداية ولكن بمرور الوقت اختلف كل شيء، وبدأت بعض العائلات تحضر أولادها من ذوي الإعاقة إلى المقهى لمشاهدة رفقائهم وهم يعملون ويتدربون وهذه كانت “فرحة كبيرة لي”.

أما الناس الذين يرتادون المقهى باتت تجمعهم علاقة صداقة مع العاملين فيه، مضيفة “إذا غابوا يسألون عنهم، وعندما يرونهم بالشارع يسلمون على بعض.. وهناك من يأتي للمكان كون هذه الشريحة موجودة فيه”.

رغم أن لينا نجحت داخل مقهى عتيق وبجواره بتحقيق هدف دمج ذوي الإعاقة بالمجتمع أكثر، لكن الأمر لم يكن كذلك في بعض القطاعات.

توضح أن هناك صعوبة على سبيل المثال بحصولهم على وظيفة بسبب نظرة المجتمع لهم والأفكار المتاحة، تضيف لينا “حاولت كثيراً توظيف فتاة (متلازمة داون) في إحدى المؤسسات الحكومية ولكن لم أستطع رغم أن القانون يدعمها..  هناك شيء سائد أقوى من القانون.. وحتى إن توظفت يوماً ما ستكون عاملة نظافة دون الاهتمام بأي مؤهل لديها”.

صعوبات ورق عتيق

بدأت صعوبات لينا بتحقيق هدفها قبل تحويل مشروع مقهى إلى واقع بسبب المجتمع ونظرته لمرضى ذوي الإعاقة والتعامل معهم.

وتقول لينا إن: “الأشخاص المحيطين بي أخبروني أن الأمر صعب والمجتمع لن يتقلب الفكرة ولن تنجح، ولكن هناك من دعمني وأمنت بالمشروع واخترت التوجه إلى الشريحة المثقفة كونها تتفهم الوضع”.

وتتابع: “انقطاع الكهرباء أثر على وضع المقهى، وارتفاع الأسعار تسبب بتراجع حركة الناس وقدومهم للمقهى، إضافة إلى الضرائب المرتفعة التي ندفعها كونهم (المؤسسات الحكومية) يعتبرون مشروعي تجاري وليس خيري”.

ويضاف إلى ذلك ازعاجات الجيران وحساسيتهم من الفعاليات الثقافية التي تجري في المقهى، “يشتكون من صوت الموسيقى والعزف رغم أن المنطقة مليئة بالضوضاء” تقول لينا.

تدعو صاحبة المقهى لينا ضاهر المنظمات والمؤسسات لدعم مشروع “ورق عتيق” حتى يستمر على قيد الحياة، فهي تحلم أن تنقل تجربتها إلى مدن ومحافظات أخرى في سبيل دمج ذوي الإعاقة في المجتمع أكثر.

أهداف التنمية المستدامة:

إن الأفكار والآراء الواردة في هذه المادة هي آراء صانعي المحتوى، ولا تتطابق بالضرورة مع التوجهات الرسمية لمنصة حلول محلية أو الجهات الداعمة لها.

ع 3

اترك تعليقاً

  • en