Press ESC to close

من النفايات العضوية إلى الأمن الغذائي: مزارعون يبتكرون أساليب لتوفير الأعلاف والأسمدة

تعتبر النفايات العضوية المهملة قضية رئيسية في سوريا؛ فبالإضافة إلى الرائحة الكريهة التي تنبعث منها، تخلق النفايات العضوية بيئة مثالية لتكاثر الآفات والحشرات، كما تولد غاز الميثان الذي يساهم بشكل كبير في ظاهرة الاحتباس الحراري.

 لذلك، قررنا، كمختبر التسريع ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا، أن نستكشف أكثر ما يفعله السوريون بمخلفاتهم العضوية، وما هي الحلول الشعبية التي قد تكون موجودة ويمكننا، العمل معها للاستفادة من النفايات العضوية.

أعلاف عضوية للحيوانات

بدأنا سعينا من خلال إجراء البحث عن الحلول في المنطقة الريفية الساحلية، ومن المثير للاهتمام كان التقاؤنا بالعديد من صغار المزارعين الذين يستخدمون النفايات العضوية إما كسماد لتخصيب التربة أو كعلف للحيوانات.

في الواقع، كانت تغذية الدواجن والماشية من بقايا الطعام المنزلية ممارسة شائعة من قبل الأجيال الأكبر سنا، ومع ذلك، بمجرد توفر العلف التجاري، فضل الناس استخدامه لاعتباره أكثر ملاءمة. وينطبق الشيء نفسه على الأسمدة، وبسبب سهولة وصولها إلى المزارعين؛ نما الاعتماد على الأسمدة الكيماوية أكثر مما كانت عليه في السماد العضوي.

 وخلال لقاءاتنا، تبين أنه تم جذب المزارعين إلى المكاسب السريعة لاستخدام هذه المدخلات التجارية دون أي اعتبار للتأثير الضار على المدى الطويل الذي قد تحدثه على صحة تربتهم وبيئتهم:

 أولا، لأنها اعتادت أن تكون أرخص ومدعومة من قبل الحكومة، وثانيا، كونه يمكن الوصول إليه بسهولة.

عندما اقتربنا من مجتمع المزارعين الذين كانوا يستخدمون النفايات العضوية للسماد والأعلاف لمعرفة المزيد عن دوافعهم، أخبرونا أن السبب في ذلك هو “عدم وجود خيارات أخرى لديهم. ” يقول أحد المزراعين لمختبر التسريع.

ويكمل: “في الوقت الحاضر، تعتبر الأعلاف والأسمدة الكيماوية نادرة ومكلفة للغاية، ولا يستطيع صغار المزارعين مثلنا تحمل تكاليفها بعد الآن، لذلك كان علينا البحث عن بدائل متاحة محليا وأرخص تلبي احتياجاتنا”.

 تعتمد بعض هذه الحلول على النفايات العضوية، بينما يركز البعض الآخر على موارد أخرى قائمة على الطبيعة. على سبيل المثال، يزرع العديد من مختلف أنحاء سوريا “الأزولا”، وهو نوع من السرخس المائي، لإطعام دواجنهم، وتعلموا ذلك من خلال مقاطع فيديو يوتيوب. على الرغم من أن زراعة الأزولا أثبتت أنها بديل جيد لعلف الحيوانات، إلا أنها لا تزال تعتبر مضرة بموارد المياه المحلية في سوريا.

مثال آخر على بدائل الأعلاف الحيوانية هو الشعير المنبت، حيث تبين أنه أكثر استدامة وصديق للطبيعة من الأزولا، كوهه ليس له تأثير سلبي على البيئة المحلية.

الأسمدة العضوية المحلية

بالنسبة للسماد، صادفنا عدة مزارعين ينتجون السماد الدودي، حيث بدأوا نشاطا تجاريا صغيرا للتسميد عن طريق بيع جزء من إنتاج السماد العضوي لمزارعين آخري،  ولوحظ أن هذه الحلول، على الرغم من أنه لا يمكن اعتبار جميعها مستدامة، إلا أنها قائمة على الطبيعة وتعتمد على الموارد المتاحة محليا. 

ابتكارات من تحديات

تظهر بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، أنه منذ عام 2011، تشهد سوريا انخفاضا حادا في إنتاج واستيراد كل من الأسمدة والأعلاف، بالإضافة إلى تكاليف النقل التي سجلت أعلى مستوى خلال السنوات الماضية، مما أدى إلى زيادة أسعار المواد الغذاء وبالتالي صعوبة وصول الفقراء والمهمشين إليها.

من النفايات العضوية إلى الأمن الغذائي

أصبح من الواضح بالنسبة لنا، كمختبر التسريع، أننا بحاجة إلى العمل مع صغار المزارعين على مواجهة التحدي المتمثل في عدم إمكانية الوصول إلى الأعلاف والأسمدة.

ومع ذلك، في هذه المرحلة، كنا بحاجة إلى تنظيم النتائج التي توصلنا إليها بطريقة تسمح بفهم الصورة كاملة، وتبعا لذها الأمر، أجرينا جلسة تصور بسيطة تمكنا من تصور العلاقة بين المكان الذي بدأنا فيه، والنفايات العضوية، وأين انتهينا بالربط مع الأمن الغذائي. ومن هنا حددنا أين وكيف سيتدخل مختبر التسريع.

حددنا ثلاث طرق لمعالجة عدم إمكانية الوصول إلى الأعلاف والأسمدة:

على مستوى المزارع الفردي: نختبر كيفية إنشاء مصادر دخل إضافية للمزارعين، الذين ينتجون بالفعل السماد و/أو العلف، بالتعاون مع شبكة من المتطوعين المدربين على ريادة الأعمال الذين يشجعون المزارعين على بيع إنتاجهم الإضافي من العلف والسماد من خلال ربطهم بالسوق المحلية. 

على المستوى المحلي: سنختبر، بناء على واختبار وتطوير الحلول المحلية، إمكانية التغلب على فجوة الاستدامة من خلال توفير المواد المحلية لتقليل تكاليف النقل، والاعتماد على الطاقة الشمسية لتشغيل الآلات الزراعية المصنعة محليا، لتساعد على زيادة إنتاج الأعلاف والسماد.

على مستوى المجتمع: اختبار نموذج سماد مجتمعي يركز على استخدام نفايات الطعام القادمة من المطاعم والفنادق. في هذه المبادرة، نعتزم تحديد 6  إلى 8 مزارعات، لتدريبهن على كيفية صنع السماد من نفايات الطعام وإرشادهن حول إمكانية بيع منتجاتهن للمزارعين الآخرين.

أهداف التنمية المستدامة:

إن الأفكار والآراء الواردة في هذه المادة هي آراء صانعي المحتوى، ولا تتطابق بالضرورة مع التوجهات الرسمية لمنصة حلول محلية أو الجهات الداعمة لها.

ع 49

اترك تعليقاً

  • en