Press ESC to close

عندما تكون الأعراف أقوى من الدين والقانون.. والحل؟

شخصيىة (1): مرت سنة واحدة منذ وفاة والدنا، لكننا حتى الآن لم نتحدث عن الميراث! أريد معرفة حصتي.

شخصية (2): ميراث! كيف تجرؤين على طرح مثل هذا الموضوع؟ عيب!.

 شخصية (1): ولكن وفقا للقانون يحق لي الحصول على حصة من ممتلكات أبينا.

شخصية (2): لا يحق لك. هل تخططين لتمزيق هذه العائلة، ألا تخجلين! هذا المال يجب أن يبقى داخل أسرتنا. انتهى النقاش وتوقفي عن التفكير في ذلك.

الحوار ليس بخيال، أو مقتبس من سيناريو فيلم، بل هو مقتطف من قصص حقيقية نسمعها كل يوم من عائلاتنا وأحيائنا ومجتمعاتنا، ليس فقط في سوريا ولكن في أجزاء أخرى كثيرة من العالم.

إن حرمان المرأة من حقوقها في الملكية واستبعادها من الموارد الجماعية هو مظهر من مظاهر هذا العنف الهيكلي. في سوريا، على الرغم من أن الدين والقانون يعترفان بحقوق ملكية المرأة ، إلا أن الأعراف الاجتماعية تجبر النساء على التخلي عن ذلك لأقاربهن الذكور.

وفي كثير من الحالات، قد يؤدي ذلك إلى الوصم والعزلة في مجتمعاتهن، بل وحتى إلى أسوأ أشكال الانتقام، بما في ذلك العنف البدني والنفسي الاجتماعي. بسوريا، أدت الأزمة التي دامت أكثر من عقد من الزمان إلى تفاقم أوجه عدم المساواة القائمة بالفعل ، مما جعل النساء أكثر ضعفا وتعرضا لفقدان حقوقهن في الملكية. 

الاعتقاد بأن الامرأة تكون ” جيدة “و” متواضعة ” في مجتمعك، يعني تخليها عن حقوقها الاقتصادية وحقوق الملكية لأشقائها وأقاربها الذكور، واللواتي يتجرأن على المطالبة بحقوقهم في الملكية سيتم تصويرهن على أنهن نساء “وقحات”  يتحدين ويضرن بالتقاليد والهياكل الاجتماعية للمجتمع.

نعم ، إن حصول المرأة على حقوق الملكية هو تحد متعدد الأوجه ومعقد له العديد من العوامل والمحركات المساهمة، ومع ذلك ، فإن الأعراف الاجتماعية والمعتقدات الثقافية هي من بين أقوى الحواجز التي تقف بين المرأة وحقوقها في امتلاك الممتلكات والسيطرة عليها. 

طيب والحل؟

اعتمد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا، على خطوات أولية للتغلب على هذه الحواجز. خلال عامي 2020-2021، قُدمت دورات تدريبية لبناء القدرات للمحامين المستقبليين وأجرىت حملات توعية للمجتمعات لزيادة معرفة الرجال والنساء بحقوق المرأة. 

ولكن، هل الوعي وحده كافٍ؟ ينبغي تصميم تدخل مستنير سلوكيا لتوفير أساليب أكثر فعالية واستهدافا لمواجهة تحديات محددة وحماية حقوق ملكية المرأة، ومن هنا تنطلق ” الرؤى السلوكية”، وهي نهج استقرائي في الأصل لتصميم السياسات التي تعالج التحديات المعقدة عبر مجالات تشمل علم النفس وعلم الاجتماع والعلوم المعرفية والاقتصاد.

خطوة إلى الوراء

تركز الرؤى السلوكية على فهم كيفية اتخاذ الناس للقرارات، وما هي الحواجز والدوافع وراء السلوكيات المحددة، لإحداث تغيير إيجابي في المجتمعا. هذا النهج وتطويره كان أحد أهداف مختبر المسرع بسوريا في شراكة مع فريق “ماجنتا”، لتطبيق واختبار الرؤى السلوكية لدعم النساء في الحصول على حقوق الملكية والميراث.

هذا التعاون لم يتوقف عن كشف الحواجز الرئيسية التي تواجهها النساء عند محاولتهن الوصول إلى حقوق الملكية الخاصة بهن فحسب، بل أيضا، وبالعودة خطوة إلى الوراء، دوافع الرجال والمجتمع على نطاق أوسع لحرمان النساء من هذه الحقوق. 

سؤال “لماذا” الرئيسي

“كيف يمكن للرجال أن يكونوا جزءا من الحل لخلق بيئة تمكينية للنساء لا يخجلن فيها أو ينتهكن لمجرد مطالبتهن بحقوقهن؟. 

لهدف من هذا المشروع ليس مواجهة المجتمع وتحدي الأعراف الثقافية القائمة، وبدلا من ذلك، نأمل في العمل مع المجتمعات المستهدفة والاستفادة من تجاربها الخاصة لإيجاد نقاط دخول للاستفادة من التغيير السلوكي الإيجابي الذي سيزيد من وصول المرأة إلى حقوقها في الملكية والميراث. 

نحن الآن في المرحلة الأولى من المشروع، وسنبقيك على اطلاع دائم برحلتنا، وكيف تسير الأمور، وما هي النتائج والرؤى الرئيسية التي توصلنا إليها، وأبرز الحلول المقترحة للتدخلات المستقبلية. ترقبوا!

أهداف التنمية المستدامة:

إن الأفكار والآراء الواردة في هذه المادة هي آراء صانعي المحتوى، ولا تتطابق بالضرورة مع التوجهات الرسمية لمنصة حلول محلية أو الجهات الداعمة لها.

ع 20

اترك تعليقاً

  • en