
تنويه هام : عزيزي القارئ..
في البداية عليك أن تعلم أن كتابة هذه المادة استغرقت مني عدة سنوات، كنت فيها شاهداً وموثقاً للحدث.
” يا طيرة طيري يا حمامة.. وديني لدمر والهامة” يغني الفنان الراحل صباح فخري لمنطقة في أطراف دمشق، ومنها نضيق المجهر ونصل إلى منطقة الصفصاف التي تتوسط هذا المكان.
لماذا نتكلم عن الصفصاف وما علاقتها بالحلول البيئية المحلية؟
لهذه المنطقة الزراعية، نصيب من الحرائق للأسف، حيث تكتسيها أشجار كثيفة يمر بها ما تبقى من نهر بردى، وفي سعي لحمايتها من التلوث، تم إغلاق في تسعينات القرن الماضي معمل حكومي للأسمنت.
ومع ذلك، شهدت المدينة خلال سنوات الحرب، معارك أسفرت عن حرائق ونيران، بالإضافة إلى قطع جائر للأشجار لاستخدامها كمصدر للدفء، ترتب عليه تغيرات مناخية سريعة فيها.
بعد عودة الأمان إليها، تضافرت الجهود المحلية للبحث عن مخرج للأزمة البيئية، فكان “أبو عبدو” (اسم مستعار) أحد سكان المنطقة أن ينطلق مسرعا للحفاظ ما تبقى من أشجار مدينته.
الرجل الخمسيني، المزراع وابن أرض توارثها من أجداده، شجع جيرانه وأقرانه على زراعة شجر الحور، حيث وجدوا أنه هذا النوع من النباتات يتميز بنموه السريع.
تجدر الإشارة إلى أن منطقة الصفصاف تربتها خصبة ومناسبة لزرع كل النباتات الأساسية التي يحتاجها المواطن السوري، وخاصة في ظل شح المواد التي تعاني منه البلاد.
وبفضل أبو عبدو وأقرانه من السكان المحليين، تجذرت تربة منطقة الصفصاف بشجر الحور، الذي يقاوم حرق الأشجار وقلعها. فمع كل شجر تقطع أو تلتهما النيران،، كان هناك جذع حور ينمو بسرعة ولو بحجم أصغر.
وبالرغم أن، قطع وحرق الأشجار جريمة يعاقب عليها القانون السوري بالسجن والغرامات المالية، إلا أن منطقة الصفصاف ما زالت تعاني حتى اليوم من هذه الجريمة في الخفاء.
استطاع ” أبو عبدو” وجيرانه من أخذ المبادرة في ترسيخ حل بيئي، لربما يساهم في معالجة جزئية لمشكلة قطع الأشجار.
وفي الإطار نفسه، وجهنا سؤالنا للمهندس الزراعي والمختص بالموارد الطبيعية والبيئة “ربيعة العبد لله” حول رأيه بالموضوع، قائلا: ” للحور أهمية كبيرة، فهو سريع النمو و يساهم بشكل كبير في إطلاق غاز الأوكسجين وامتصاص غاز ثاني أوكسيد الكربون”. مضيفا “ننصح بإعادة تشجير شجر الحور في منطقة الصفصاف وفي باقي المناطق الساحلية لما له من أهمية في التخفيف من أضرار التغير المناخي”.
ومن هنا، انطقلنا بسؤال أحد السكان القريبين من منطقة “الصفصاف” عن رأيه بالموضوع، وتوجهنا للأستاذ رامي حسن الذي يعمل في إدارة الموارد البشرية، ليجيب قائلا: “ما يحصل من حرق الأشجار ينطوي على إهدار للثروة الزراعية وهذا قد يؤدي التصحر وفقر الغطاء النباتي بموارده الأساسية”.
ويشجع رامي زراعة شجر الحوار لأن ذلك يؤدي إلى رفد الغطاء النباتي بما يحتاجه من موارد”، متابعا “عرفت أبو عبدو منذ عدة سنوات، ولم يكن عندي إيمان بما يقوم به، لكن إصراره على زراعة شجر الحور خلق لدى جميع سكان المنطقة بارقة أمل بالحفاظ على الثروة الزراعية”.
في النهاية، حتى تاريخ كتابة هذه المادة، لم تتوقف الجرائم المرتكبة بحق الثروة الزراعية في سورية، بالرغم من العقوبات المفروضة، وهذا ما يدفعنا للقول بضرورة مراجعة آلية الرقابة الحالية ومدى فعاليتها في ضبط مرتكبي هذه الجرائم.
كما أن تعميم التجربة لربما يساعد في معالجة جزئية للخطر الذي يداهم الثروة الزراعية في سورية والذي قطع شوطاً كبيراً من الضرر، والتعميم المطلوب يتطلب مشاركة المجتمع المدني والدولي وبالإضافة للدعم الحكومي، فلا شك أن هذا الحل ليس نهائياً، وإنما يحتاج لمراجعة شاملة على كافة المستويات.
أهداف التنمية المستدامة:
إن الأفكار والآراء الواردة في هذه المادة هي آراء صانعي المحتوى، ولا تتطابق بالضرورة مع التوجهات الرسمية لمنصة حلول محلية أو الجهات الداعمة لها.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.