تشهد السنوات الأخيرة انتشاراً متزايداً للسماد العضوي المعروف باسم “فيرمي كومبوست”، والذي يتم انتاجه عن طريق مزارع كبيرة للديدان تقوم بهضم الفضلات الحيوانية وإعدادها بشكل يسهل امتصاصها من قبل المزروعات بعد عملية تخمير مناسبة.
الإقبال المتزايد للاعتماد على هذه الأسمدة جاء بالتزامن مع الارتفاع الكبير في أسعار الأسمدة الكيماوية، وبسبب المردود “الجيد” لاستعمال “الفيرمي كومبوست”، بعد أن تجرأ مزارعون على تجربته.
يشرح حسان خليفة، أحد أول المزارعين الذين طوروا هذه السماد في سوريا فوائده، إذ تقدم للمزروعات حاجتها من الغذاء من دون أضرار جانبية، كما تعتبر، على المدى البعيد، توفيرية من الناحية المادية، وتساعد على زيادة الإنتاج الزراعي.
بدأ خليفة مشروعه لأول مرة العام 2007، بعد أن سمع بالصدفة معلومة عن هذه الدودة عبر برنامج كان يتحدث عن الزراعة في ألمانيا، على إحدى القنوات الفضائية، فدفعه فضوله للبحث عن دودة مناسبة في أرضه، في المليحة بدرعا، قبل أن يكتشف أن إنتاج هذا السماد يحتاج إلى دودة خاصة، استوردها وبدأ مشروعاً صغيراً، ما لبث أن توقف بسبب الحرب.
في العام 2017، وبعد تجربة خارج سوريا (في العراق) عاد خليفة واستقر في ريف دمشق، حيث أنشأ مزرعة خاصة بإنتاج هذا السماد، واستورد الديدان المناسبة من إيران وجنوب إفريقيا، كما بدأ يشجع المزارعين على استعماله، لتبدأ حقبة جديدة، إذ لقي إقبالاً متزايداً من المزارعين، كما لفت انتباه بعض المنظمات الأممية التي قامت برعاية ورشات عمل قام خلالها بتعليم عدد من المزارعين طريقة رعاية الدودة، وطرق انتاج الأسمدة، الأمر الذي ساهم في ظهور عدد من المزارع في محافظات سوريّة عدة، كما قام بإنشاء رابطة خاصة لمربي الدودة، يشترك فيها مربون من دول عديدة، يتبادلون من خلالها خبراتهم وطرق تطوير العمل.
خلال حديثه، يعبّر المزارع البالغ من العمر سبعين عاماً تقريباً، عن سعادته بالفرق الذي أحدثه، متمنياً أن يزداد الاقبال على هذه الأسمدة، يقول: “لما لها من فوائد كبيرة، إذ تحتوي على المعادن والأحماض اللازمة للزراعة، كما تحتوي على أنواع من البكتيريا النافعة، التي تعمل بدورها على تحليل المواد الموجودة في التربة بشكل يسهل على النباتات امتصاصها، كما لا يؤدي استعمالها إلى أية أضرار جانبية على الأرض أو المزروعات مقارنة بالأسمدة الكيماوية”، ويضيف: “المناخ في سوريا يساعد بشكل كبير في عمل الدودة، فالرطوبة مناسبة ودرجة الحرارة مناسبة، هذه العوامل جميعها يجب أن تدفعنا لتوسيع الاعتماد عليها”، معتبراً أن الجهد الذي قام به خلال ورشات التدريب، وتوريد الديدان لمزارعين آخرين يهدف إلى تحويل استعمال هذا السماد إلى جزء من روتين المزارع السوري.
وتقوم آلية انتاج السماد العضوي (الفيرمي كومبوس) على إنشاء مزارع خاصة لهذه الديدان، يتم تغذيتها بفضلات الحيوانات، وتقوم، خلال نشاطها الليلي، بهضم هذه الفضلات وتحويلها إلى سماد، يدخل مراحل إعداد أخرى قبل أن يصبح جاهزاً للاستعمال، علماً أنه سماد تراكمي، أي أن المزارع يقوم بتسميد الأرض لثلاث أو أربع سنوات، ولا تحتاج في السنة الخامسة للتسميد، الأمر الذي يساهم في خفض تكاليف الزراعة.
التوسع الواضح في انتاج هذه الأسمدة واستعمالها في سوريا، دفع وزارة الزراعة، العام الماضي، إلى وضع معايير مناسبة لمنح تراخيص لمزارع انتاجها، بشكل يمنع أية عمليات غش أو تلاعب، الأمر الذي قد يعطي دفعاً إضافية لاعتماده بشكل واسع في سوريا.
أهداف التنمية المستدامة:
إن الأفكار والآراء الواردة في هذه المادة هي آراء صانعي المحتوى، ولا تتطابق بالضرورة مع التوجهات الرسمية لمنصة حلول محلية أو الجهات الداعمة لها.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.