
في محاولة لتجاوز أزمة مياه الشرب التي تعاني منها اللاذقية في فصل الصيف، سواء بسبب الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي، أو بسبب جدول تقنين المياه، الذي يكون قاسياً على بعض المناطق، ظهرت بعض الأفكار التي بدأت تلقى رواجاً خلال الفترة الأخيرة، تقوم على آلية قديمة، تجري استعادتها.
يشرح أبو أمين، وهو عامل خبير في مجال التمديدات الصحية (المياه والصرف الصحي) أن مشكلة مياه الشرب في مناطق عديدة في المدينة سببها الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي، والذي يصل في كثير من الأحيان إلى ساعة وصل مقابل خمس ساعات قطع، ما يعني أنه فور وصل التيار سيشغل جميع السكان مضخات المياه (موتور الماء)، ما يتسبب بضعف المياه بشكل عام وبالتالي صعوبة إيصالها إلى الخزانات التي عادة ما تكون على أسطح الأبنية أو ضمن السقيفة في المنزل.
ويتابع “لتلافي هذه المشكلة يركب كثيرون خزانات أرضية، مهمتها جمع المياه، سواء خلال ساعات انقطاع التيار الكهربائي، عندما يكون وصول المياه مقبولاً بسبب عدم تمكن السكان من تشغيل مضخات المياه، أو حتى خلال ساعات وصول الكهرباء، حيث تكون مهمتها ملء الخزان الأرضي أسهل وأسرع من إيصالها إلى الطوابق المرتفعة”، ويضيف “يتم بعد ذلك ضخ المياه من الخزان الأرضي إلى الخزان العلوي، وهو أمر لن يستغرق وقتاً طويلاً بسبب توافر المياه في الخزان الأرضي، وبالتالي ضمان ملئ الخزانات المرتفعة”.
يشير أبو أمين خلال حديثه إلى أن هذه الطريقة تعتمد مبدأً قديماً، كان الناس يجمعون مياه الأمطار في الجبّ، ويستعملونها لاحقاً، ويوضح “في هذه الحالة بدلاً من جمع مياه الأمطار، يتم جمع المياه من شبكة مياه الشرب الشحيحة لاستخدامها بعد حين”.
أبو أنس، وهو صاحب محل لبيع الخزانات، يضيف على هذا التكتيك تفصيلاً صغيراً لضمان نجاحه، ويشرح قائلاً: “يجب أن يكون الخزان الأرضي أكبر من الخزان العلوي، أو يساويه بالحجم على أقل تقدير، لضمان ملئ الخزان العلوي”، ويتابع “قد يحتاج الأمر إلى مضختين في بعض الحالات، رغم ذلك يجد كثيرون أن الأمر مجدياً بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المياه التي يتم بيعها عبر الصهاريج”.
وخلال الصيف الحالي، ارتفعت تكلفة ملء خزان بسعة 5 براميل (حوالي ألف لتر) من 25 ألف ليرة سورية إلى أكثر من 50 ألف، الأمر الذي رتّب تكاليف كبيرة على كثير من العائلات تصل إلى نحو 400 إلى 500 ألف ليرة سوريّة شهرياً، في وقت يتراوح فيه سعر خزان المياه بسعة ألف لتر بين 700 ألف ومليون و200 ألف ليرة، بحسب الجودة، ما يعني أن تكلفة تركيب خزان أرضي لا تتجاوز تكلفة المياه التي يتم شراؤها خلال شهرين أو شهرين ونصف.
وبالرغم من نجاح الفكرة يعاني كثير من سكان الأبنية المرتفعة صعوبة في تأمين مكان لوضع الخزان، بالإضافة إلى صعوبة موافقة الجيران على ذلك في كثير من الأحيان، كما هو حال السيدة أماني، التي حاولت مراراً الحصول على موافقة جيرانها على وضع خزان في القبو ولم تنجح في ذلك.
تقول السيدة التي تعمل معلمة في مدرسة للتعليم الأساسي في اللاذقية: “خططت لكل شيء، حتى أنني اشتريت خزاناً وجهازين خاصين لقياس ارتفاع السوائل لوضعهما في الخزان الأرضي والخزان العلوي لحماية مضخة المياه، والتأكد من ملء الخزان، ولكن الجيران لم يوافقوا على ذلك”.
بعد أن وصلت محاولات السيدة إلى طريق مسدودة في المدينة، نقلت الفكرة إلى منزل أهلها في ريف اللاذقية، الذي بات يمتلك خزاناً أرضياً إضافياً إلى جانب الجبّ، الأمر الذي وفر لأهلها بعض الماء الإضافي، بعد أن تم تخصيص الجبّ لمياه السقاية، والخزان الجديد لمياه الشرب.
تقول السيدة “الآن أفكر بتركيب مجموعة طاقة شمسية لتشغيل المضخة خلال ساعات انقطاع التيار الكهربائي، أملاً بالخلاص من تحكم تاجر المياه، والوقت الضائع خلال انتظاره، أو ربما أشترك بالأمبيرات، لا أعلم”.
أهداف التنمية المستدامة:
إن الأفكار والآراء الواردة في هذه المادة هي آراء صانعي المحتوى، ولا تتطابق بالضرورة مع التوجهات الرسمية لمنصة حلول محلية أو الجهات الداعمة لها.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.